A review by al_sharnaqi
الشيء الآخر by غسان كنفاني, Ghassan Kanafani

5.0

إنّي أحبّ هذا الرجل، ولكم آسف على فراقه لنا وموته في عمرٍ صغير دون أن يكتب ويسقِنا من منهلهِ المزيد والغزير. مهلًا، أقُلت لنا؟ من نحن؟ البشر؟ البشرية؟

إنّ من يقرأ هذه الرواية وهو في انتظار معرفة من الَّذِي قتل ليلى الحايك في نهاية المطاف، فليتوقف الآن فورًا عن القراءة واستكمالها، فسوف لن يجدي له ذلك معرفة القاتل. ثم ألم يكن جليًّا للغاية من غلاف الكتاب أن الرواية لا تبحث في هوية من الَّذِي قتل ليلى؟ حسنٌ، دعوني لا أبالغ في ذلك، ولأقُل وحسب أن هذا الأمر كان جليًّا للغاية من قراءة الصفحات الأولى، العشرِ مثلًا، بأنّ الرواية أبدًا لا تبحث في هوية قاتل ليلى الحايك. إنَّما هذه الرواية تخبرنا بأنهُ ثمّة جريمة بشعة نرتكبُها في حق أنفسنا تحت أسماء وقيم مزيفة، كالقوانين مثلًا، والعدالة أيضًا. وحقًا لأَنِّي في عجبٍ من أنّ هذه الرواية قد صنفت ضمن الروايات البوليسية، والتي من المفترض أنّ تكون وتُصنف ضمن الروايات الفلسفية قبل أيّ تصنيف آخر.
في كل الأحوال، لنتساءل قليلًا هنا، ما هي العدالة؟ وتحت وجهة نظر من تقول هذا التعريف عن العدالة؟ أليست العدالة في نهاية الأمر تقفُ في صف طرفٍ ضد الطرفٍ الآخر. وأين تكمن العدالة في وقفتها هذه ضد آخر.
الأمر حقًّا يستدعي تمعنًا شرسًا. وانتباهٍ شديدٍ لما نحن عليه، قبل أن نغدو في وضع لا يجدي حينها تدارك أيّ شيء نفعًا.
لكأن الأمر أشبهُ بمن يقول لك، مهلًا عزيزي لا تقلق ولا تخاف، أنت تحت حِماية مخالبٍ أمينة!